تابع التعلّم

لم تقم بتسجيل الدخول
سجل الآن في منصة تاء لبدء التعلم ومتابعة تقدمك وجمع النقاط والدخول في المنافسات، بعد التسجيل ستحصل على شهادة إلكترونية بالموضوعات التي تتعلمها

القسم الحالي: الأسرة المسلمة

الدرس الرسول الزوج ﷺ

نتعرف في هذا الدَّرس على جانبٍ من حياة الرسول ﷺ في بيته وتعامله مع زوجاته.

  •  التعرُّف على حال النبي ﷺ في بيته.
  • التعرُّف على الأخلاق الفاضلة التي كان النبي ﷺ يتعامل بها مع أهل بيته.
  • التأسي بالنبي ﷺ في التعامل مع الزوجات.
  • من حكمة الله تعالى أن جعل رسله بشراً؛ ليكونوا حجَّةً على الناس في الاقتداء بهم، والتَّخلُّق بأخلاقهم، والعمل بمثل أعمالهم. وتكمن سعادة المسلم في دنياه وآخرته في اتِّباع كتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ، والسير على خُطاه؛ ولهذا ينبغي على المسلم الحرص على معرفة سيرة النبي ﷺ وسنته؛ ليجتهد في التَّمثُّل بها في كل أحواله.

    حياة النبي ﷺ في بيته ومع زوجاته هي المثال الأسمى للبشرية جمعاء، وهو ﷺ القدوة التي ينبغي أن يتأسى بها كل زوج يريد لأسرته الحياة الطيبة في الدنيا، والفوز بالجنة في الآخرة، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

    من أخلاق الرسول ﷺ العظيمة مع زوجاته

    عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» (الترمذي 3895). فالنبي صلى الله عليه وسلم يأمر الرجال من أمته أن يحسنوا لنسائهم، ويثني على من يفعل ذلك، ثم يبين أنه قدوتهم في ذلك.

    اهتمام النبي ﷺ بالترويح عن نسائه وتلبية رغباتهن المشروعة

    عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا التي أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو" (البخاري 5236، ومسلم 892). فمن الاقتداء بالرسول ﷺ أن يكون الزَّوج فطناً، مهتمّاً برغبات زوجته، يقدِّر احتياجاتها النفسيَّة المشروعة ويحققها لها.

    وقد عدَّ رسول الله ﷺ ملاعبة الرجل أهلَه من اللهو المأذون به، ونفى أن يكون من اللهو المذموم، فقال ﷺ : "كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل، إلا ثلاثاً: رميَه عن قوسه، وتأديبَه فرسَه، وملاعبتَه أهلَه، فإنهن من الحق" (أحمد 17337).

    وثبت عن عائشة رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، قَالَتْ: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ ، فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ" (أبو داود 2578)، فكان النبي ﷺ يلاعب زوجاته ويمازحهن، فلا تبقى الحياة الزوجيَّة رتيبةً مملةً.

    حكمة النبي ﷺ في التعامل مع المشكلات الأسرية

    لا يخلو بيت من البيوت من وقوع بعض المشكلات بين أفراده، وقد ضرب لنا النبي ﷺ أروع الأمثلة في كيفية التعامل مع هذه المشكلات؛ فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي ﷺ في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي ﷺ فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: «غارت أمكم» ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرَت. (البخاري 5225).

    فلم يكن صدر النبي ﷺ يضيق من التصرفات التي تخرج بسبب المشاعر الفطرية الطبيعية لزوجاته أو أهل بيته، وكان يتعامل مع كل المواقف بحنكةٍ وحكمةٍ. وإن كان الموقف ينذر بشجار وخصام، فقد كان ﷺ يغير بحكمته وعدم انفعاله وغضبه الحال، ويخفف من التوتر، وينصف جميع الأطراف.

    وكان ﷺ يتقبَّل أن تغضب منه زوجه وتُظهِر ذلك، ويقابل ذلك بالإحسان والرحمة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله ﷺ: «إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى» قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: «أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت علي غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك» ( البخاري 5228، ومسلم 2439).

    حُسن عِشرة النبي ﷺ لنسائه

    كان النبي ﷺ يساعد أزواجه في شؤون البيت وأعماله؛ رحمةً بهن وتخفيفاً عليهن، و كان من أخلاقه ﷺ أن يقوم بخدمة نفسه في أموره الخاصة.

    وقد سئلت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة» (البخاري 676)، وقالت في حديث آخر: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته» (أحمد 25341).

    من صور التحبب للزوجات

    ١
    مناداتهن بألفاظ التحبب.
    ٢
    إطعامهن الطعام.
    ٣
    التصريح بمحبتهن.
    ٤
    الإصغاء لحديثهن والاهتمام به.

    مناداة الزوجات بألفاظ التحبب

    ففي الحديث أنه ﷺ قال لعائشة رضي الله عنها: «يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام» (البخاري 3768). وكان يناديها أيضاً "بالحُمَيْرَاء" وهو تصغير الحمراء، أي البيضاء.

    إطعام الزوج زوجته

    عن سعدٍ بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه أن الرسول ﷺ قال له: «وإنك مهما أنفقت من نفقة، فإنها صدقة، حتى اللقمة التي ترفعها إلى فِيِّ امرأتك» (البخاري 2742).

    تصريح الزوج بمحبته لزوجته

    فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة» (البخاري 3662، ومسلم 2384).

    الإصغاء لحديثهن والاهتمام به

    ومما يدل على ذلك حديث أم زرع الطويل، وفيه حكت عائشة رضي الله عنها خبر إحدى عشرة امرأة، حيث جلسن وراحت كل واحدة منهن تحكي حالها مع زوجها، فبقي النبي صلى الله عليه وسلم يستمع لعائشة حتى أنهت ما دار بينهن بتمامه.

    تزيُّن النبي ﷺ وتجمُّله لزوجاته

    حيث سُئلت عائشة رضي الله عنها: "بأَيِّ شيءٍ كانَ يَبْدَأُ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قالَتْ: بالسِّواكِ" (مسلم 253)، وقد ثبت عنها -رضي الله عنها- أنها قالت: «كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما يجد، حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته» (البخاري 5923).

    وفاء النبي ﷺ لأزواجه

    ومن أظهر صور هذا الوفاء، ما كان من حال النبي ﷺ مع خديجة رضي الله عنها بعد موتها بسنوات، ومن ذلك أن زينب بنت النبي ﷺ لما أرادت أن تفتدي أبا العاص -وكان تزوجها قبل الإسلام ووقع أسيراً في بدر- بقلادة خديجة رضي الله عنها، رقَّ النبي ﷺ لرؤية القلادة رقة شديدة، وقال: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها» (أبو داود 2692). وقد بلغ من وفائه لها ما جعل عائشة رضي الله عنها تغار منها، وهي التي لم تدركها أو تعاصرها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول «إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد» (البخاري 3818، ومسلم 2435).

    مظاهر عدل النبي ﷺ بين أزواجه

    ١
    العدل في الإقامة والمكث، فهو يقسم الليالي بينهن بالتساوي، ويطوف عليهن جميعاً بلا تمييز، فإذا طرأ ما يستدعي غير ذلك استأذنهن، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه، استأذن أزواجه في أن يُمَرَّض في بيتي، فأذِنَّ له. (البخاري 198، ومسلم 418).
    ٢
    عدله بينهن في السفر، حيث كان يقرع بين نسائه، فمن خرج سهمها خرج بها معه.
    ٣
    كان إذا تزوَّج ثيِّباً أقام عندها ثلاث ليالٍ لإيناسها، ثم يقسم لها كسائر نسائه.
    ٤
    كان النبي عليه السلام يعدل بين زوجاته في قسمته في كلِّ ما يقدر عليه من النفقة والمال.

    تقدير النبي ﷺ لأزواجه واستشارتهن

    وليس أوضح في ذلك من استشارة النبي ﷺ لزوجته أم سلمة رضي الله عنها يوم الحديبية، حين طلب من المسلمين أن ينحَروا ويحْلِقوا فلم يقم منهم أحدٌ، "فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة، حتى تنحر بُدْنَك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بُدْنَه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً" (البخاري 2731).

    لقد أكملت الدرس بنجاح


    ابدأ الاختبار