تابع التعلّم

لم تقم بتسجيل الدخول
سجل الآن في منصة تاء لبدء التعلم ومتابعة تقدمك وجمع النقاط والدخول في المنافسات، بعد التسجيل ستحصل على شهادة إلكترونية بالموضوعات التي تتعلمها

القسم الحالي: المرأة المسلمة

الدرس المرأة والدعوات المعاصرة

نتعرف في هذا الدرس على أهم المعتقدات والمبادئ والدعوات المعاصرة المؤثرة في قضايا المرأة.

  • إظهار عدل الشريعة وحكمتها في التعامل مع قضايا المرأة.
  • التعريف بأهم المبادئ والأفكار المعاصرة المؤثرة في قضايا المرأة.
  • بيان بعض عيوب الدعوات المنحرفة في التعامل مع قضايا المرأة.
  • لم تحظَ المرأة في الأزمنة الغابرة وفي أغلب الحضارات القديمة بأيِّ نظرةٍ إنسانيَّةٍ كريمةٍ، وإنما كانت مهملةً ولا يُحسَب لها حساب، بل لم يكن لها أية حقوقٍ أو أهليَّةٍ، وكانت تُباع وتُشترى دون أيِّ اعتبار لكيانها الإنساني، وكان يُنظَر لها على أنها في مرتبة أدنى من الرَّجل.

    وقد استمر هذا النهجُ في التقليل من شأن المرأة في الحضارات والثقافات المختلفة حتى وقت قريب، وبالرَّغم من أنَّ العالم الغربي -على سبيل المثال- قد بدأ لاحقاً مرحلة التغيير والتحرر من بطش الإمبراطوريات وظلم الكنيسة، إلا أنَّ هذا التغيير لم يصل للمرأة وقضاياها إلا متأخِّراً.

    وقد كان هذا الفكر المشوَّه في نظرته للمرأة مدعوماً من جانبين رئيسين:

    أولاً- الجانب الفلسفي

    كان الفلاسفة في القرون القديمة يحتقرون المرأة، ويقللون من شأنها، ولا يرون لها مكانة ولا حقوقاً، ومن هؤلاء الفلاسفة: سقراط، وأفلاطون، وأرسطو.

    ثانياً- الجانب الديني

    ففي الهندوسية لا يحق للمرأة أن ترث من أبويها، ومن مات زوجها وجب حرقها معه لأنه خير لها ألا تعيش بعده! أما اليهود والنصارى فللمرأة عندهم مكانةٌ متدنية، وكانت تُتهم بأنها أصل السيئة والفجور والآثام، وتعامَل على أنها نجسة. وقد كانت هذه الأفكار مستمدة من كتبهم المحرَّفة، ومنبثقةً من المؤتمرات الدينيَّة المنعقدة، ومدعومة بسلطة القساوسة والكنيسة.

    ظهرت في العصر الحديث مجموعة من المعتقدات والأفكار والنظريات التي أثرت -وما زالت تؤثر- على أفكار وتصورات وسلوكيَّات كثير من المجتمعات فيما يتعلق بالمرأة.

    1- الحداثة وما بعد الحداثة

    تجعل الحداثة الإنسان مركزاً للكون، وتقرر استقلاله عن الوحي، وأنَّه بعقله قادرٌ على تقديم تفسيراتٍ لنفسه وبيئته والكون. ومعظم الأفكار والتصورات والتحليلات التي خرجت بعد ذلك منبثقةٌ من الحداثة.

    2- العقلانية

    هي الإعلاءُ من شأن العقل ومقاييسه؛ بناء على اعتبار الإنسان مركز الكون.

    3- الحرية والفردية

    وتعني التأكيد على حقِّ الإنسان في تقرير مصير شؤونه المدنية على الوجه الذي يراه مناسباً له.

    4- الداروينية

    وهي النظرية التي تتحدث عن أصل الإنسان وتطوُّره عبر ملايين السنين حتى صار على الهيئة الحالية.

    5- تحرير المرأة

    ظهرت فكرة تحرير المرأة في أوروبا، حيث كانت المرأة تعاني أنواع الاضطهاد والظلم، فرفعت شعارات الحرية والتحرُّر من الموروثات البالية. وقد نالت المرأة هناك العديد من الحقوق الإنسانيَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة، إلَّا أنَّ المطالب لم يكن لها ضابطٌ دينيٌّ أو قِيَمِيٌّ منظِّمٌ لها، فتحولت إلى نداءاتٍ للتحرر من الدِّين والقيم، لا التحرر من الظلم والاضطهاد، وغُلِّف كل ذلك بدعوى التحرر من السلطة الذكوريَّة أو الأبويَّة.

    العلمانية وتحرير المرأة

    من الأفكار والدعوات التي ارتبطت بمفهوم تحرير المرأة: فصل الدِّين عن شؤون الحياة جميعها، وتطبيق العلمانيَّة كنظام حياة، ويرتبط هذا المفهوم بالعلمانية عن طريق الدعوة إلى تحريرها من كل ما يعرقل تطلُّعاتها؛ خاصَّة الضوابط والتعاليم الدينيَّة.

    6- العلمانية

    وتعني فصل ما يتعلق بإدارة كل شؤون الحياة عن الدين، والانطلاق من الإنسان كمفهومٍ مرجعيٍّ للممارسات الإنسانية في شتى مجالاتها؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

    7- المساواة بين الجنسين

    تقوم هذه الدعوة في الأساس على المساواة بين الرَّجل والمرأة في حق التعلم، والعمل، والحقوق المدنية والسياسيَّة وغيرها، وإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة. إلا أنَّ المطالبات بالمساواة في الحقوق خرجت عن سياقها الأساسي، لتصبح غير مراعية للفروق والاختلافات بين الذكر والأنثى، فأصبحت دعوة للتسوية بين المختلفَين.

    8- النِّسْوِيَّة

    يطلق على الفكر الداعي لتحرر المرأة، والمساواة بين الجنسين "الفكر النسوي"، وقد انبثقت عن هذا الفكر حركاتٌ تمارس العديد من الأنشطة الفكريَّة والسياسيَّة والاجتماعيَّة وغيرها. وقد سعى الفكر النسوي بنشاطاته المختلفة لترسيخ العديد من الأفكار والممارسات في المجتمعات.

    مبادئ الفكر النِّسْوِي

    ١
    الحريَّة المُطلقة، وهي مبنية على فكرة المجتمع القائم على الفرد لا على الأسرة.
    ٢
    اعتماد مفهوم الجِندر ( النوع الاجتماعي) لتحديد العلاقة بين الجنسين، وتهميش مفهومي الذكر والأنثى.
    ٣
    ملكيَّة المرأة لجسدها، وحقُّها الكامل في أن تفعل به ما تشاء دون قيود أو ضوابط.
    ٤
    إلغاء دور الأب في الأسرة، من خلال رفض السلطة الأبويَّة.
    ٥
    الدعوة -من خلال بعض التيارات النسويَّة- إلى الشذوذ الجنسي، وإباحة الإجهاض، والأفكار الهادمة للفطرة الإنسانيَّة والقيم الكونيَّة والعقديَّة.

    اتفاقية (سيداو)

    سعت منظمات حقوق المرأة والمنظمات النسوية للحصول على الدعم السياسي، من خلال تصديق الدُّول على معاهدة دولية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979م للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهي معاهدة (سيداو).

    جوهر اتفاقية (سيداو)

    تقوم الاتفاقية على المساواة المطلقة، والتماثل بين الرجل والمرأة في جميع المجالات؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والقانونية ونحوها، وهذا مبدأ مجانب للصواب، مخالف للشرائع السماوية، معارض لظاهر الكتاب والسنّة وما استحسنته العقول السليمة، وقرّرته الفِطَر القويمة. أما مخالفته للكتاب فلقوله سبحانه: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: 36]، ولقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، ولقوله جل وعلا: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، وأمّا مخالفته للسنة، فلقوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته... والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» (البخاري 893، ومسلم 1829). وأمّا مناهضته لما استقرّ في الأفهام، فهو مما لا يحتاج إلى كثير بيان، لوضوح أن الاختلافات في التكوين الجسدي والنفسي لا بد أن تفضي إلى اختلافات في القدرات ووظائف الحياة، فتحقيق التساوي والتماثل التامين مخالف لأصل خلقة الذكر والأنثى.

    سيداو والعداء بين الرجل والمرأة

    تصور (سيداو) والحركات النِّسوية العلاقة بين الرجل والمرأة على أنها علاقة تنافس وصراع تاريخي تريد أن تضع له حدّاً، وسبيلها إلى ذلك هو التسوية التامة بين الرجل والمرأة، بزعم أن أي ميزة زائدة للرجل تكون على حساب المرأة. وهذه نظرة ضيقة؛ فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكامل وتعاون، لا تنافس وعداء، ولكل واحد منهما دوره ووظيفته، في تناغم وتكامل؛ لإثراء الحياة، وتحقيق التعارف والمودة والرحمة، وحفظ النوع، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير} [الحجرات: 13]، وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]، ثم إن اختلاف الأدوار الحياتية يقتضي اختلافاً في الحقوق والواجبات بلا ظلم أو إجحاف، فكل واجب زائد يقابله حق زائدٌ، وهذا هو العدل.

    هل تدعو الشريعة للمساواة بين الرجال والنساء؟

    تقرر الشريعة مساواة المرأة للرجل في الأصل الإنساني وكرامة الخَلق، وفي المسؤولية وحمل الأمانة، وفي الجزاء الدنيوي والأخروي، وفي استحقاق كل واحد منهما لحقه، وفي إقامة الشعائر والاحتكام للشرائع وسمو الأخلاق. ثم إنَّ الشريعة تقرر التمييز الإيجابي بينهما؛ لاختلافهما في التكوين الجسدي والنفسي؛ فالمرأة غير مطالبة بالجهاد لضعف بنيتها، ولا تصلي ولا تصوم عند حيضها ونفاسها، ولا تُلزم بالإنفاق على البيت وإن كانت غنية، وفي المقابل فرضت الشريعة الجهاد على الرجل، وأوجبت عليه الإنفاق على المرأة وأبنائهما وجوباً يُعاقَب عليه إن أبى أو قصَّر، وجعلت له إزاء هذه الواجبات الزائدة حقوقاً زائدة، وهذا عين العدل.

    عدل الشريعة في الميراث

    لا يوجد ظلم للمرأة في الإرث في التشريع الإسلامي؛ إذ إنها تأخذ أحياناً أقل من نصيب الرجل، وأحياناً نفس نصيبه، وأحياناً أكثر من نصيبه، وأحياناً ترث ولا يرث، كل ذلك لحِكَم يعلمها الله، وبيان ذلك في كتب أهل العلم.

    من صور إكرام الشريعة للمرأة

    الأنثى مصونة مكرمة في الشريعة الإسلامية، فالله عز وجل يقول: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: 40]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» (الترمذي 113). ووليُّ المرأة (الأب أو الزوج) ملزم بسكنها ونفقتها، ولا تكلَّف بأن تنفق ديناراً واحداً ـ إلا عن طيب خاطر ـ مهما كانت غنية، وهي في أهليتها المالية مثل الرجل، وليس لأحد عليها ولاية مالية سواء كان أباً أو زوجاً، وللمرأة حق التصرف بالبيع والشراء والإجارة والشركة والرهن والقسمة والإقرار والكفالة والصلح، وغيرها من سائر العقود والالتزامات.

    لقد أكملت الدرس بنجاح


    ابدأ الاختبار